سورة الحج - تفسير تفسير ابن جزي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الحج)


        


{وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (27)}
{وَأَذِّن فِي الناس بالحج} خطاب لإبراهيم، وقيل: لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، والأول هو الصحيح، روى أنه لما أمر بالأذان بالحج. صعد على جبل أبي قبيس، ونادى: أيها الناس إن الله قد أمركم بحج هذا البيت فحجوا، فسمعه كل من يحج إلى يوم القيامة، وهم في أصلاب آبائهم. وأجابه في ذلك الوقت كل شيء من جماد وغيره. لبيك اللهم لبيك، فجرت التلبية على ذلك {يَأْتُوكَ رِجَالاً} جمع راجل أي ماشياً على رجليه {وعلى كُلِّ ضَامِرٍ} الضامر يراد به كل ما يركب من فرس وناقة وغير ذلك، وإنما وصفه بالضمور لأنه لا يصل إلى البيت إلا بعد ضموره، وقوله: {وعلى كُلِّ ضَامِرٍ} حال معطوف على حال كأنه قال: رجالاً وركباناً، واستدل بعضهم بتقديم الرجال في الآية على أن المشي إلى الحج أفضل من الركوب، واستدل بعضهم بسقوط ذكر البحر بهذه الآية، على أنه يسقط فرض الحج على من يحتاج إلى ركوب البحر {يَأْتِينَ} صفة لكل ضامر، لأنه في معنى الجمع {مِن كُلِّ فَجٍّ عَميِقٍ} أي طريق بعيد.


{لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ (28)}
{مَنَافِعَ لَهُمْ} أي بالتجارة، وقيل: أعمال الحج وثوابه، واللفظ أعم من ذلك {وَيَذْكُرُواْ اسم الله} يعني التسمية عند ذبح البهائم ونحرها وفي الهدايا والضحايا، وقيل: يعني الذكر على الإطلاق، وإنما قال: {اسم الله}، لأن الذكر باللسان إنما يذكر لفظ الأسماء {في أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ} هي عند مالك: يوم النحر وثانية وثالثة خاصة لأن هذه هي أيام الضحايا عنده، ولم يجز ذحبها بالليل لقوله: {في أَيَّامٍ} وقيل: الأيام المعلومات: عشر ذي الحجة ويوم النحر، والثلاثة بعده، وقيل: عشر ذي الحجة خاصة، وأما الأيام المعدودات، فهي الثلاثة بعد يوم النحر، فيوم النحر من المعلومات لا من المعدودات واليومان بعده من المعلومات والمعدودات ورابع النحر في المعدودات لا من المعلومات {فَكُلُواْ مِنْهَا} ندب أو إباحة ويستحب أن يأكل الأقل من الضحايا ويتصدق بالأكثر {البآئس} الذي أصابه البؤس وقيل: هو المتكفف وقيلأ: الذي يظهر عليه أثر الجوع.


{ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ (29)}
{ثُمَّ لْيَقْضُواْ تَفَثَهُمْ} التفث في اللغة الوسخ، فالمعنى ليقضوا إزالة تفثهم بقص الأظافر، والاستحداد وسائر خاصل الفطرة والتنظف بعد أن يحلّوا من الحج، وقيل: التفث أعمال الحج، وقرئ بكسر اللام وإسكانها، وهي لام الأمر وكذلك وليوفوا وليطوّفوا.
{وَلْيَطَّوَّفُواْ} المراد هنا طواف الإفاظة عند جميع المفسرين وهو الطواف الواجب {بالبيت العتيق} أي القديم، لأنه أول بيت وضع للناس وقيل: العتيق الكريم، كقولهم: فرس عتيق، وقيل أُعتق من الجبابرة أي منع منهم، وقيل: العتيق هو الذي لم يملكه أحد قط.

5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12